مدونة ارثوذكسي مدونة ارثوذكسي
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

هل ايمان الكنيسة القبطية في الفداء هو ايمان انسلم ؟ نظرية الفداء 3






كثيرا ما تردد مؤخرا ان عقيدة كنيستنا القبطية الارثوذكسية هي عقيدة - انسلم - تلك الافكار التي روجها الاسقف انسلم اسقف كانتربري في القرن الثاني عشر وهي ما تسمى بالنظرية القضائية في الفداء او نظرية الترضية لذلك سنلقى الضوء بمزيد من التفصيل على هذه النظرية وتقيمها وبعدها نبدا في الشرح والمقارنة بين عقيدة كنيستنا وبين تلك النظرية حتى نكشف زيف هذه الادعاءات التي توجه ضد ايمان كنيستنا .

نظرية انسلم او نظرية الترضية او النظرية القضائية

كما سبق وشرحنا ان هذه النظرية التي روج لها الاسقف الكاثوليكي انسلم في القرن الحادي عشر وسأستعين هنا بما جاء في كتاب سر الفداء للأسقف باسيلوس  *[1]
يقول الاسقف باسيلوس [2]عن نظرية انسلم الاتي :
هذه النظرية مبنية على فهم ناموسي لفكرة الارضاء او الاشباع او الايفاء بعقاب مناسب لخطية الخاطئي تتناسب مع مقام المعتدى علييه وبحسب هذه النظرية فأن ادم في عصيانه اهان عظمة وجلال الله واذ كان كأنسان غير قادر على ارضاءه معادلاً لمقدار جريمته فلم يكن امامه الا ان يموت موتاً ابديا هذا ما تقضيه عدالة الله الذي تطلب ذبيحة مساوية لعظمة وكرامة اللاهوت والانسان كخلوق لا يستطيع ان يقدم مثل هذه الذبيحة وان ابن الله فقط المساوي للأب والمعادل له في الكرامة هو الذي يستطيع بواسطة موته على الصليب ان يقدم لله ذبيحة لائقة بعظمته وجلاله ولاجل هذه الغاية صار ابن الله أنساناً اذ اتخذ الطبيعة البشرية ومات على الصليب بانسانيته وبواسطة موته أوفى مطالب العدل الالهي وبدمه محا الاهانة التي ارتكبها ادم ضد عظمة الله .
وهكذا حسبت استحقاقات ابن الله على الصليب للبشر وتصالح الله مع الانسان والعالم وانطفأت نيران الغضب الالهي .

ثم يوضح الاسقف باسيلوس تقيمه للنظرية فيقول : ان هذه النظرية لا يمكن ان تكون مقبولة في الكنيسة الارثوذكسية لأن
1- هي نظرية تنظر للخلاص من جانب واحد فقط وهو الجانب القضائي
2- ان هذه النظرية متلونة بالافكار الاقطاعية التي كانت تتميز بها بلدان غرب اوربا في العصور الوسطى
3- مفهوم الاهانة ضد عظمة الله وضرورة تقديم ايفاء عنها غريب عن الكتاب المقدس وعلى الفهم الابائي للفداء
4- ما تقبله الكنيسة الارثوذكسية فهو فكرة ايفاء عدل الله ولكن لا نستطيع ان نوافق على التعارض بين عدل الله ومحبته كقوتين متضادتين تتصارع احداهما مع الاخرى كما في نظرية انسلم
5- الصليب ليس مجرد اداة للعقاب و للتعذيب فقط وليس مظهراً لغضب الله على الخطية فقط بل هو ايضا اظهار لمحبته الفائقة وعلامة النصرة والخلاص وهذا ما لا نجد له اي ذكر في نظرية الفداء القضائية التي ليس فيه مكان تقريبا للقيامة .
ثم يذكر الاسقف باسيلوس نقطة هامة جداً حيث يقول :
من الخطأ ان نعتبر المفهوم القضائي للفداء مفهوم خاطئ كلية انه مفهوم ذو جانب واحد فققط وهو مفهوم ناقص ويتضمن عناصر غريبة عن الكتاب المقدس والتسليم الالهي مثل - الاهانة الموجهة ضد عظمة الله - والتعويض للكرامة الالهية - وتسكين الغضب الالهي بذبيحة . ومع ذلك تعبر اساسا عن تعليم موجود في الوحي ولكنها تعبر عنه بطريقة مشوهه فابن الله مات حقا بارداته على الصليب من اجل خطايانا وافتدانا بدمه ..
انتهى الاقتباس بتصرف من الكتاب ولنا بعض الملاحظات الاتية
اولاً - ان النظرية القضائية لأنسلم تحمل بالفعل جوانب كتابية ولكنها تعبر عنها بطريقة مشوهه مثل الاهانة لعظمة الله وارضاء كرامة الله الجريحة وهو ما لا يوجد في عقيدة كنيستنا
ثانيا - في النظرية القضائية وجود مفهوم عدل الله ولكن مشكلة النظرية انها كانت تقول ان هناك صراع بين عدل الله ورحمته صراع بين قوتين متضادتين كما تقول النظرية وهذا ما لا يوجد اطلاقاً في عقيدة كنيستنا والذي يتجلى في قول المزمور
الحق والرحمة تلاقيا مز 84
ثالثاً - النظرية تنظر الي الفداء من مفهوم قضائي بحت ولا تنظر الي محبة الله للانسان في الفداء وهو ايضا تعليم غير موجود في كنيستنا وهو تعليم ليس كتابياً او ابائياً فالمحبة هي التي جعلت الله يخلق الانسان ويعتني به وتجسد من اجله ويخلصه ويفديه ...الخ وهذا واضح كل الوضوح في تعليم كنيستنا كما سنوضح لاحقاً .
رابعا - يوضح الاسقف ان الصليب لم يكن داة عقوبة وتعذيب فقط ! ولم يكن مظهراً لغضب الله على الخطية فقط ! اي ان الصليب كان اعلان ايضا لغضب الله على الخطية ورفضه له وايضا في الصليب تحمل الابن عقوبة الخطية التي وقعت على الانسان ورفع عنه حكم الموت بألامه وموته وقيامته . ومشكلة النظرية انها نظرت فقط الي الصليب والفداء انه عقوبة وتعذيب فقط دون محبة ودون جوانب الفداء الاخرى مثل انه اعلان لمحبة الله للانسان او انه علامة النصرة التي تمت بالقيامة المجيدة وبالطبع هذا تعليم لا يوجد في كنيستنا القبطية على الاطلاق فأيمان وصلوات وطقوس كنيستنا توضح التعليم السليم والمستقيم للفداء والذي ينظر للصليب مرتبط بالقيامة تلك النظرة الشامة لجوانب الصليب والفداء الذي صنعه الله لخلاص الانسان وهو عكس ما ينادي به انسلم على الاطلاق .
وهكذا اوضحنا مشكلة نظرية انسلم انها تنظر للفداء من جانب واحد وبنظرة مشوهه ايضا وهو ما لا يوجد في تعليم وعقيدة كنيستنا القبطية نحو الفداء وهو ما سنوضحه في المرة القادمة انشا الرب وعشنا

عصام نسيم



[1]  كتاب سر الفداء للاسقف باسيلوس وهو رئيس اساقفة ومطران بروكسل وبلجيكا للروم الارثوذكس ترجمة د جوزيف موريس فلتس الناشر بيت التكريس لخدمة الكرازة 2012
[2] الغرض من الاستعانة بكاتب من خارج الكنيسة القبطية هو الحياد في المرجع وتوضيح فكر نحو نظرية انسلم وتقيمها من خارج كنيستنا القبطية الارثوذكسية .
نظريات الفداء الجزء الاول
http://orsoxozi.blogspot.com.eg/2016/09/1.html

نظريات الفداء الجزء الثاني
http://orsoxozi.blogspot.com.eg/2016/10/2.html



عن الكاتب

essam nesim

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

مدونة ارثوذكسي