وقتها كتب دكتور مينا بديع عبد الملك مقال * هام نشر وقتها كان عبارة عن رسالة إلي جورج حبيب بباوي يطالبه فيه ان لا ينسى محبته القديمة للبابا شنودة ,كانت تحمل عتاب محبة له وتطالبه بالرجوع عن اساءته لقداسة البابا ! المهم كتب في هذه المقالة أمر يخص القمص متى المسكين والذي كانت آراءه وكتبه محل جدل ايضا وقتها فكتب شهادة تاريخية من قبل الأنبا غريغوريوس عن كتابات القمص متى المسكين وانقل هنا ما قاله بالحرف بدون زيادة ولا نقصان كتب يقول :
" فى أوائل التسعينيات - قبل أن يتعرض نيافة الأنبا غريغوريوس - أسقف البحث العلمى والثقافة القبطية - لمرضه الأخير، كان يقضى فترة راحة بدير القديس مارمينا بمريوط، وحدث فى يوم من الأيام أن قام أحد الصيادلة المشهورين بالإسكندرية وبرفقته زوجته ومهندس من الإسكندرية ورابع إكليريكى من الإسكندرية أيضا باصطحابى معهم إلى دير مارمينا بمريوط لمقابلة نيافة الأنبا غريغوريوس،
" غير دارس للاهوت لذلك لا يدرك خطورة التعبير اللاهوتي الخاطئ "
ومن خلال هذا التقييم نستطيع ان نفهم ونعي كم الغلطات والأخطاء التي تخص أمور لاهوتية كثيرة في كتابات القمص متى الي جانب استخدامه لاصطلاحات ومفردات غريبة وغير دقيقة في علم اللاهوت ومن هنا كانت المشاكل الكثيرة التي جاءت في معظم كتاباته اللاهوتية !
امر اخر يخص الانبا غريغورس وكتب القمص متى سمعته من قداسة البابا شنودة بنفسه وكانت بخصوص كتاب العنصره للقمص متى المسكين والذي أصدره عام 1960 ووصلت فصول الكتاب الي قداسة البابا ووقتها كان البابا في المغارة وبفحصه وجد فيه كثير من الأخطاء اللاهوتية التي جاءت في الكتاب وكان قد ارسل القمص متى الكتاب الي الارشيدياكون وهيب عطالله ( الانبا غريغوريس فيما بعد ) ليراجعه ويحكي قداسة البابا عن هذا ويقول :
أتذكر أن كتاب العنصرة راجعه الأرشيذياكون ( وهيب عطالله ) وهذا كان فيما بعد الأنبا أغريغوريوس .فقمت بإرسال خطاب قلت له فيه كيف تمرر هذه الأشياء ؛ وهذا يسيء إليك أنت نفسك و قمت بشرح الأخطاء كلها ؛ فقام بأرسال خطاب قال فيه كلامك على حق و أنا قد نبهتهم على هذه الأخطاء ؛ ولكنهم رفضوا تصحيحها و من ذلك الحين لم يعد يراجع أى كتاب من كتب أبونا متى المسكين ؛ ولكنهم على الرغم من كل ذلك أعادوا الطبعة مرات عديدة بنفس الأخطاء "
وهكذا يتضح لنا موقف الأنبا غريغورس ورأيه من كتابات القمص متى التي وصل الأمر به ان لا يراجع له كتب مرة أخرى منذ عام 1960 إلي نياحته !
بالطبع عرضنا هنا رأي الأنبا غريغوريوس في كتابات القمص متى اللاهوتية حتى يتضح لنا ان الخلاف مع بعض او كثير من كتابات القمص متى كانت خلافات تخص آراءه وأفكاره وتعليمه اللاهوتي والعقيدي وليس مجرد خلاف بينه وبين قداسة البابا شنودة الثالث !
ومن له اذان للسمع فليسمع
نص المقال كامل
هذه الرسالة ليست ردا على الدراسة التى قام بها الأخ الحبيب والصديق الكريم د. جورج حبيب بباوى الذى تعود صداقتى له منذ أكثر من ثلاثين عاما، فهو بالنسبة لى الأخ الأكبر، والعالم المدقق، والباحث المتأنى..
من هنا كان انزعاجى لما كتبه بقلمه وهو القلم الذى اعتاد أن يكتب فى الأمور المقدسة وبكلمات النعمة والمحبة.
لذلك فإن الغرض من هذه الرسالة هو تسجيل شهادة أمينة وصادقة لبعض الحقائق
إذ أن محبتى الشديدة نحو قداسة البابا شنودة الثالث والأب الورع القمص متى المسكين والأخ الدكتور جورج حبيب بباوى، ليست موضع شك، وعلى هذا فإننى لن أتعرض لأية ملاحظات لاهوتية لأننى غير دارس للعلوم اللاهوتية وبعض الأحيان لا أستوعبها لأنها ليست تخصصى.
فتخصصى الدقيق هو العلوم الرياضية وإن كنت قد حققت فيها بعض الإنجازات إلا أننى مازلت على الشاطئ أبحث عن الحقيقة التى لم أبلغها بعد.
البابا شنودة الثالث بالنسبة لى أب ومعلم وهو الشاب النقى فى شبابه المبكر، والراهب الناسك والمتوحد، وأسقف التعليم الواعى، والبابا البطريرك الساهر على أولاده والباذل نفسه عن رعيته.
الأب القمص متى المسكين بالنسبة لى يمت بصلة قرابة لوالدى كما كانت تربطنى صداقة قوية بأخيه الأكبر، وأيضا هو الراهب الجاد فى رهبنته وصاحب المشروعات المعمارية الناجحة.
الدكتور جورج بباوى هو الكاتب المدقق فى تراث الكنيسة وتعاليم آبائها والذى قدم للمكتبة القبطية العديد من الكتب النافعة.
لذلك عندما أسجل هذه الرسالة، فإننى فى وضع محايد تماما ولا أبتغى من وراء ذلك أية منفعة أو مصلحة شخصية إنما أضع أمام عينى نقطة واحدة هى «سلامة الواحدة الوحيدة المقدسة الرسولية كنيسة الله الأرثوذكسية» التى تجاوزت عبر عشرين قرنا من الزمان العديد من الصعاب
عندما قام قداسة البابا شنودة الثالث بالتعليق على بعض الكتابات التى وردت فى كتب القمص متى المسكين، فى الواقع لم يكن يدحض كتابات القمص متى المسكين نفسه، بل الكتابات التى استقاها القمص متى المسكين من المراجع الأجنبية المليئة بأفكار لا تنادى بها الكنيسة القبطية،
والدليل على ذلك أن البابا شنودة لم يتعرض لبعض كتب القمص متى المسكين مثل : القديسة السيدة العذراء، الصليب المقدس، الرهبنة القبطية لأن هذه الكتب لم تعتمد على مراجع أجنبية، بل اعتمدت كلية على كتابات آباء الكنيسة الأولين.
وأود أن أذكر هذه الحقيقة بأمانة كاملة، والتى عندما سبق وذكرتها لآباء دير القديس أنبا مقار غضب بعضهم منى مع أنها حقيقة حدثت لم أبالغ فيها ولا أقول إلا الصدق،
والحقيقة هى : فى أوائل التسعينيات - قبل أن يتعرض نيافة الأنبا غريغوريوس - أسقف البحث العلمى والثقافة القبطية - لمرضه الأخير، كان يقضى فترة راحة بدير القديس مارمينا بمريوط، وحدث فى يوم من الأيام أن قام أحد الصيادلة المشهورين بالإسكندرية وبرفقته زوجته ومهندس من الإسكندرية ورابع إكليريكى من الإسكندرية أيضا باصطحابى معهم إلى دير مارمينا بمريوط لمقابلة نيافة الأنبا غريغوريوس،
وبعد أن قضينا معه وقتا طيبا طرحت عليه فى ختام اللقاء سؤالا : ما هو رأى نيافتك فى كتابات الأب متى المسكين التى يدور حولها بعض الانتقادات؟ فكانت إجابته كالآتى بنفس هذا النص : «القمص متى المسكين راهب أمين جدا فى رهبنته، لكنه غير دارس للاهوت لذلك لا يدرك خطورة التعبير اللاهوتى الخاطئ!! فهو لا يقصد كتابة أخطاء لاهوتية يحاسب عليها، لكنه لا يعرف كيف يكتب التعبير اللاهوتى بتدقيق».
كان هذا تقييم أسقف البحث العلمى والثقافة القبطية على كتابات القمص متى المسكين.
أيضا فى شهر أبريل من عام 1991 كنت بمدينة إكسفورد البريطانية لحضور مؤتمر دولى فى الرياضيات التطبيقية، وأجريت اتصالا تليفونيا بالدكتور جورج حبيب بباوى والذى تفضل مشكورا واستقل القطار من المدينة التى كان يقيم بها وتقابلنا فى مدينة إكسفورد لمدة أكثر من ساعتين وتحدثنا أحاديث شيقة وقد ذكر لى الواقعة الآتية :
إنه بنفسه - أى د. جورج حبيب بباوى - استلم رسالة خطية من الأب متى المسكين إلى قداسة البابا شنودة الثالث طلب فيها أن يسجل قداسة البابا الأخطاء اللاهوتية الموجودة فى كتابات القمص متى المسكين على أن يلتزم الأب متى المسكين بالتنويه عن هذه الأخطاء وتصويبها كما يرى قداسة البابا شنودة الثالث فى الطبعات التالية لهذه الكتب. لكن لم يحدث هذا !! على الرغم من أن البابا شنودة الثالث سجل هذه الأخطاء على صفحات مجلة الكرازة التى تتداول فى الأوساط الكنسية فقط وذلك بفرض تجنب تداول هذه التعاليم بين أبناء الشعب القبطى.
وقد فعل البابا شنودة ذلك انطلاقا من مسئوليته عن التعليم فى الكنيسة.
وفى الواقع حدث شىء مماثل فى أوائل الستينيات فى فترة البابا كيرلس السادس «1959-1971»البطريرك 116، إن إحدى كتابات الأب متى المسكين أثيرت حولها بعض المناقشات وحسما لهذا الوضع تم إرسال هذا الكتاب إلى القمص باخوم المحرقى وكيل الكلية الإكليريكية فى ذلك الوقت «الأنبا غريغوريوس فيما بعد» وقد سجل بقلمه كل الأخطاء اللاهوتية الموجودة بالكتاب، لكن للأسف تم طبع الكتاب دون الالتفات للملاحظات التى سجلها القمص باخوم المحرقى!!
وفى كل هذا كانت هناك مودة بين البابا شنودة الثالث والأب متى المسكين حتى أن البابا شنودة عندما كان يعلم بوجود الأب متى المسكين فى أحد المستشفيات بالقاهرة للعلاج، كان يذهب بنفسه ويجلس معه ويطمئن على أحواله
لذلك كان من الصعب جدا عند نياحة «وفاة» الأب متى المسكين ألا يقوم رهبان دير أنبا مقار بإبلاغ البابا بذلك!!
لم يحدث - ولن يحدث - أن قام البابا شنودة بطريق مباشر أو غير مباشر بتشجيع جماعات متطرفة مسلحة بقتل وذبحه رهبان دير أنبا مقار !! أمر غير وارد على الإطلاق بدليل أنه من وقت لآخر يحضر بعض آباء دير أنبا مقار من شيوخ الرهبان ويتقابلون مع البابا سواء فى القاهرة أو الإسكندرية.
وآخر زيارة كانت منذ بضعة أسابيع فى الإسكندرية وقداسة البابا بنفسه يشير إلى هذا اللقاء فى مجلة الكرازة التى يرأس تحريرها. ليس ذلك فقط بل كثيرا ما كان يستقبل الأب متى المسكين بالمقر البابوى بالقاهرة لدراسة بعض المشاكل بالدير، وكان يتم اتصال تليفونى مع نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط ورئيس دير القديس أنبا مقار.
فى أثناء أحداث 1981 المؤلمة التى مرت بالكنيسة قام الدكتور جورج حبيب بباوى بإلإدلاء بتصريح - فى إحدى الإذاعات الأجنبية - ضد البابا شنودة نفسه، وهذا الكلام على لسان الدكتور جورج بباوى.
ثم فى أواخر الثمانينيات كان البابا شنودة الثالث فى زيارة لكنيسة مار مرقس بلندن، وفى أثناء اجتماع البابا بالشعب القبطى فى الكنيسة وكان الدكتور جورج بباوى حاضرا للاجتماع، فوقف الدكتور جورج بباوى بشجاعة كاملة وقال لقداسة البابا : «أنا جورج بباوى - ربما بعض الموجودين حاليا لا يعرفوننى - لكننى أعترف أمام قداستكم فى الكنيسة المقدسة وأعلن عن خطئى فى حق قداستكم وأطلب المسامحة» وبعد ذلك حدث لقاء.
لكن ربما حدثت بعض التدخلات الخارجية لمنع حدوث تقارب أكثر. ولو أننى فى يناير 2005 كنت فى مهمة علمية بولاية ميتشجن الأمريكية وأجريت اتصالا تليفونيا بالدكتور جورج بباوى واستغرقت المكالمة التليفونية أكثر من90 دقيقة وطلبت بإلحاح محاولة أن يقترب أكثر من البابا شنودة استنادا على الصداقة والمودة القديمة، ثم فى 14 أكتوبر 2006 أرسلت رسالة بالبريد الإلكترونى للدكتور جورج بباوى فى محاولة للتقارب مع البابا شنودة وقدمت له نصيحة أخوية أن لا يستمع لأعداء الخير ويعود ويتذكر المحبة القديمة التى كانت بينه وبين البابا شنودة، لكنه لم يرد على هذه الرسالة حتى هذه اللحظة، لذلك بادرت فى محبة كاملة نحوه أن أرسل هذه الرسالة المفتوحة.
أذكر أيضا أنه فى أواخر فترة السبعينيات أن حضر قداسة البابا شنودة إلى الإسكندرية واستدعى وكيل البطريركية فى الإسكندرية وطلب منه إن كان يمكنه أن يستدل على عنوان ما بالإسكندرية وطلب قداسة البابا من وكيل البطريركية أن يحتفظ بسرية الموضوع. فعلا قام وكيل البطريركية بالسؤال عن العنوان، وزيادة فى سرية الموضوع استقل قداسة البابا سيارة وكيل البطريركية ليذهب بها إلى ذلك العنوان، وفى الطريق استفسر وكيل البطريركية من قداسة البابا عن الشخصية التى تقيم فى ذلك العنوان فأخبره البابا بأن القمص متى المسكين حضر للاستراحة فى شقة شقيقه بمنطقة العصافرة وأن البابا ذاهب للاستفسار عنه والسؤال عن صحته.
وهذا يدل على أنه لا يوجد أمر شخصى بين البابا والقمص متى المسكين، لكن البابا مسئول عن سلامة التعليم.
فى نهاية الرسالة التى بها المزيد لكن لا يوجد وقت للاسترسال
أود أن أسجل كلمة عتاب بمحبة لأخى الأكبر د. جورج حبيب بباوى الذى أحبه جدا وأعزه جدا وأحترمه جدا، كيف سمح لنفسه أن يسجل تلك الكلمات الصعبة على البابا شنودة الثالث خليفة مارمرقس والذى له مواقف رائعة فى تاريخ الكنيسة بالإضافة إلى النهضة الروحية والمعمارية التى يقوم بها من خلال أسفار عديدة ربما فاق فيها خدمة وكرازة الكثير من الرسل..
د. جورج بباوى.. لا تنس المحبة القديمة مع البابا شنودة.
د. مينا بديع عبد الملك
منقول من مجلة روزاليوسف