هل كان هناك مسيحيية او مسيحيين في مصر قبل دخول مرقس الرسول ؟1
اصبح يردد البعض اليوم ان القديس مرقس الرسول لم يكن هو من ادخل الايمان المسيحي الي مصر وان هناك مسيحية كانت موجودة في مصر قبل مجيء مارمرقس وان اول ستة بطاركة في الكنيسة القبطية كانوا يهود ! معتمدين على ايمان بعض اليهود الذين كانوا يعيشون في مصر في يوم الخمسين وبالطبع هذه الامور بعيدة عن ما ذكره التاريخ وما جاء في كتب التاريخ المسيحي وايضا التقليد القبطي وايضا تقليل من دور القديس مرقس الرسول وكرازته في مصر وسنتناول بنعمة المسيح في بعض المقالات تاريخ كرازة مارمرقس الرسول في مصر وكيف انه اول من ادخل الايمان المسيحي الي مصر وهو الذي اسس كنيستها وسفك دمه الطاهر من اجل هذا الايمان وقد تحدثنا في المرة السابقة عن بيت انيانوس اول من امن بالسيد المسيح في مدينة الاسكندرية على يد القديس مارمرقس واوضحنا ان انيانوس لم يكن يهودي او بيته يقع في الحي اليهودي او اليوناني كما يدعي البعض ولكن بيته كان يقع في الحي القبطي او المصري حيث ان انيانوس كان مصري وليس يهودي , اليوم نستكمل نشر قصة مارمرقس في الاسكندرية وكرازته بالايمان المسيحي بالاسكندرية وتوضيح ان الايمان المسيحي دخل المسيحية على يد القديس مارمرقس مؤسس كنيسة الاسكندرية ومدرسة الاسكندرية وواضع القداس الالهي وايضا كاتب انجيل مرقس الرسول .
قصة القديس مارمرقس الرسول حسب وثيقة مارمرقس
أولا ما هي وثيقة اعمال مرقس ؟
هي وثيقة يرجح بعض العلماء انها تعود إلي اواخر القرن الرابع او اوائل القرن الخامس الميلادي ولقد تدوين هذه الوثيقة اصلا باللغة اليوننية او اللغة القبطية وهذه الوثيقة تضم حياة القديس مرقس الرسول واستشهاده [1]
وتمثل ويثقة اعمال مرقس ادد المصادر العديدة لكتاب تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية المنسوب لساويرس ابن القمفع كما استفاد من هذه الوثيقة مؤلف السنكسار العربي للكنيسة القبطية والذي جرى تأليفه في القرن الثالث عشر الميلادي [2]
ويمكن تلخيص محتوى هذه الوثيقة في السطور التالية [3]
جاء اولا ( القديس مرقس ) إلي سيرين ( القيروان ) في الخمس مدن الغربية وكرز بالانجيل وعمل كثيرا من المعجزات من شفاء مرضى واخراج شياطين وعمد كثيرين من الذين قبلوا الايمان وبينما كنا هناك رأى رؤية بضرورة الذهاب إلي فاروس في الإسكندرية وفي اليوم التالي ودعه الاخوة مرسلين اياه في سفينة من مباركتهم ووصل مرقس إلي الإسكندرية وجاء إلي موضع في المدينة يقال له مينديون وحالما دخل من بوابة المدينة تمزق حزام صندله فبحث مرقس عن اسكافي في هذه المنطقة ليصلحة له وبينما يعمل الاسكافي في الصندل جرحت يده اليسرى فصرخ من الالم قائلا يا الله الواحد ( ايس ثيؤس ) فجذبت هذه الاستغاثة انتباه مرقس اذ رائى انها علامة على انه قد جاء إلي المكان الصحيح فابرا مرقس يد الاسكافي ولتقديم واجب الشكر دعاه الاسكافي إلي بيته لياكل عنده وهناك سأله الاسكاي عن سر قوته في شفاء يده فبدا مرقس تبشيره بيسوع امسيح الذي يدعى ابن الله وابن ابراهيم مبخرا الرجل بالنبؤات التي تكلمت عنه فاخبره الاسكافي اانه لم يعرف شيئائ عن هذه الكتابات برغم انه يعرف الالياذا والاوديسا وغيرهما من الأمور التي تعلمها المصريون منذ الطفولة
وفي النهاية امن الاسكافي بالمسيح وتعمد هو وكل اهل بيته وكثيرون من جيرانه وكان اسم الرجل انياناس او انيانوس واذ اغضبت هذه الاخبار بعض الوثنيين فكر بعض رجال من المدينة في قتل مرقس وحين سمع مرقس ان حياته اصبحت في خطر قرر العودة إلي الخمس مدن الغربية ولكن قبل رحيله رسم انياناس اسقفا وثلاثة قسوس مع سبعة شمامسة واحد عشر شخاص اخرين للخدمة الكنسية في كنيسة الإسكندرية.
وبعد قضاء سنتين في الخمس مدن الغربية كان القديس مرقس مشغولا فيهما برسامة اساقفة وكهنة لهذه المناطق وعاد إلي الإسكندرية فوجد ان الجماعة التي اسسها قد ازدهرت ونمت في النعمة والايمان بالله وبنيت لها كنيسة في موضع يدع بوكولو قرب شاطي البحر هذه الاحداث مع اخبار عدة القديس مرقس إلي الإسكندرية قد اثارت غضب الوثنين في المدينة وفي هذه السنة وقع احتفال المصريين بعبادة الاله سرابيس في نفس يوم احتفال الكنيسة بعيد الفصح ( القيامة ) وللحث على اتخاذ موقف دخل جماعة من الوثنيين إلي الكنيسة وحاصروا مرقس وهو في منتصف الخدمة ووضعوا حبلا حول رقبته وجروه في شوارع الإسكندرية وكانوا يقولون جروا لجاموس إلي مراعي البقر حتى تهرا لحمه وتناثر على الارض واختلطت دماؤه بالحجاره وعندما حل المساء اقى الغوغاء مرقس في السجن بينما كان لم يزل حيا ويشكر الله وفي هذه الليلة بينما كان مرقس يصي حدثت زلزلة عظيمة وظهر له ملاك قائلا له
يا مرقس خادم الله واول قديسي مصر هوذا اسمك قد كتب في سفر الحياة الابدية وعددت بين الرسل القديسين وذكراك لن تنسى إلي الابد وبععد الملاك ظهر له المسيح نفسه داعياه ايه بالمبشرباسمي وفي الصباح تجمع الوثنيين وسحلوه مرة اخرى في المدينة حتى فارقه الروح وحينما اشعل الغوغاء نار لحرق جسد مرقس في مكان يدعى الملائكة انجيليون[4] و وضعوا جسد مرقس فيه ابطل المسيح مكيدتهم فارسل ريحا شديدة ارعبت الوثنيين فهربوا مذعورين وفي النهاية حمل بعض المؤمنيين جسد مرقس وعادوا إلي الكنيسة واعدوه للصلاه عليه كالعادة ووضعوه في قبر حجري يقع شرقالمدينة [5]
فمات مرقس الانجيلي اول شهداء كنيسة الإسكندرية في 30 برمودة 25 ابريل حينما كان غابوس طياريوس قيصر امبراطور وهو العيد التقليدي للقديس مرقس في الكنيسة القبطية [6]
وهكذا تقدم لنا وثيقة اعمال مرقس تحديدا للهوية الذاتية لكنيسة الإسكندرية وانها كنيسة تأسست على دم لشهداء ومن ثم فان كنيسة مصر هي كنيسة الشهداء .[7]
وبعد عرضنا لقصة القديس مرقس الرسول وكرازته في الإسكندرية من خلال تاريخ البطاركة ووثيقة اعمال مرقس وهي اقدم مصادر تاريخية ذكرت القصة ومنها اخذتتت تقريبا كل كتب التاريخ التي اوردت هذه القصة في كتبها وسواء في هذين المصدرين او في المصادر التاريخية القديمة الاخرى مثل تاريخ الكنيسة ليوسابيوس او التقاليد القديمة نجد التشابه إلي حد بعيد مع ما جاء في وثيقة مرقس كما اننا لا نجد اي اشاره بوجود مسيحية او كنائس مسيحية او مؤمنين في مصر قبل دخول مارمرقس ربما كان هناك افراد امنوا يوم الخمسين ( سنتعرض لهذه النقطة المقال القادم ) ولكن لم يكن هناك مسيحية بشكل رسمي وكنسي ولم يكن هناك حياة كنسية لمؤمنين ولم يحدث ذلك الا بعد دخول القديس مرقس الرسول مصر وكرزاته فيها وتأسيسيه لكنيسة الاسكندرية كنيسة مصر .
وهكذا من خلال ما عرضناه في هذه القصة التاريخية نستطيع ان نجيب على التساؤل التي طرحناه من قبل وهو
هل كان هناك مسيحيية او مسيحيين في مصر قبل دخول مرقس الرسول ؟
يتبع
....................................
من كتاب بعنوان " هل كان اول ستة بطاركة يهود وقصايا اخرى
اعداد عصم نسيم
[1] كتاب الملامح الوثئاقية والليتورجية لكنيسة الإسكندرية الراهب اثناسيوس المقاري ص 60
[2] المصدر السابق ص 67
المصدر السابق ص 61[3]
[4] تحدثنا عن هذه المنطقة بالتفصيل في بحث بيت انيانوس وموقعه
هنا تشير الوثيقة ان القديس مرقس دفن في قبر حجري وليس الكنيسة .[5]
[6] كتاب الملامح الوثائقية والليتورجية لكنيسة الإسكندرية الراهب اثناسيوس المقاري ص 61 و62 و 63 و 64 و 65 و 66 و 67
[7] المصدر السابق