هل هناك علاقية بين الثالوث المسيحي والثالوث
المصري الوثني ؟
من وقت لأخر نجد بعض من يشكك او يطعن في
ايماننا المسيحي والبعض يتكلم عن عدم معرفة والبعض يتكلم كلام مرسل بلا اي دليل
وهذا امر اعتدناه خصوصا في مجتماعتنا ومن بعض من له منافذ سواء في الصحافة او الاعلام
بشكل عام .
احد هذه الادعاءات التي يرددها البعض هي وجود
تشابه بين الثالوث المسيحي والثالوث المصري القديم او ان المسحييين اخذوا ايمانهم
بالثالوث من الثالوث المصري الذي كان يؤمن به اجدادنا المصريين وايضا البعض يقول
ان المسيحية انتشرت سريعا في مصر لان المصريين وجدوا تشابه بين الايمان بالثالوث
المسيحي وبين الثالوث المصري لذلك قبل المصريين الايمان بالمسيحية والايمان
بالثالوث لانه يشبه ما يؤمنون به !!
ادعاءات كثيرا ما نسمعها وهي في الاصل كلام
مرسل بل كلام يناقض بعضه البعض وايضا كلام بعيد عن المنطق والتاريخ .
وقبل ان نناقش هذه الادعاءات نوضح انه .
الثالوث المسيحيي هو الايمان باله واحد مثلث
الاقانيم فلا نؤمن بثلاثة الهة ولا بتعدد الهة كما في الاديان الوثنية ولكن كما
نصلي في قانون الايمان نؤمن باله واحد اما عن الايمان في الاديان الاخرى المختلفة
فهو ايمان يقوم على تعدد الالهة وصراعات بين الالهة بعضها البعض وقد حاربت
المسيحيية ه1ا التعدد وقاومته وكانت تكرز بالاله الواحد لذلك اضطهدت المسيحيية
والمسيحيين لقرون عديدة لانها كانت ضد ايمان وعقائد الاديان الوثنية الموجودة في
ذلك الوقت .
اما عن هذه الادعاءات سنناقشها في نقاط محددة وهي
اولا – هل يوجد تشابه بين الثالوث المسيحي
والثالوث المصري القديم ؟
الحقيقة ان هذا السؤال صيغته غير صحيحة فنحن
هنا نقارن بين ايمان موجود وايمان بشيء ليس موجود!!
فلا يوجد عند المصريين ايمان باي ثالوث
والباحث في التاريخ المصري وايضا معبودات المصريين القدماء وديانتهتم سيكتشف سريعا
انهم لم يكن يؤمنون ابدا بثالوث او ثلاثة الهة ولكن بالعديد من الالهة تجاوز بعضها
العشرة الهة .
لقد
عبد المصريين القدماء كل شيء – الانسان – الحيوان – الحشرات – الكواكب – وحتى نهر
النيل والشمس .
ايضا كان هنكا تصنيفات للالهة عندهم فهناك
معبودات كونية ومعبودات رسمية ومعبودات محلية والهة للموتي والهة للعالم الاخر .
وعلى سبيل المثالث نجد مثلا الالهة الرسمية
التي حكمت مصر كالهة وارتبطت ببعض الاساطير هي رع وبتاح وشو ثم يليهم اوزير وست
وحور وفي النهاية نجد جحوتي وماعت ثم حور .
وقد ارتبطت هذه الالهة ببعض الاساطير المعقدة
والمتشابكة والتي كانت موجودة في عقيدة المصري القديم .
وايضا بالرجوع الي اساطير الخلق عند المصريين
القدماء سنجد ان هذه الاساطير ارتبطت بمجموعة من الالهة عبدها جميعا المصري القديم
ونستطيع ان نطلق عليها – مجمع الهة –
فقد كان هناك العديد من الاساطير في خلق
الكون والانسان ولكن اشهرها كانت اربع اساطير وهي
عين شمس اون - الاشمونيين –منف –طيبة .
وجميع هذه الاساطير ارتبط بعدد كبير من
الالهة بعضها تسعة الهة اطلق عليها التاسوع وايضا ثمانية الهة مثل اسطورة
الاشمونيين اطلق عليه ثامون الالهة .
ولكن لم نجد في اساطير الخلق او حتى الاساطير
المختلفة ثالوث الهة منفرد وحده ولكن ارتباط العديد من الالهة ببعضها البعض .
نأتي لاسطورة ايزيس واوزيرس وحورس وهي
الاسطورة الاشهر والتي يربط بها البعض بينها وبين الثالوث المسيحي ويقولوا ان
المصري عبد الثالوث ايزيس واوزيرس وحورس لذلك قبل الايمان بالاب والابن والروح
القدس ورغم انه لا يوجد اي ربط بين الاثنين فالمسيحيين يؤمنون باله واحد مثلث
الاقانيم وليس ثلاثة الهة ولكن كالعادة الهدف هو التشكيك في الايمان المسيحي .
ولكن هل فعلا اسطورة ايزيس واوزيرس اسطورة هي
لثالوث من الالهة ؟
بالرجوع الي هذه الاساطير نجد الاتي :
ترجع نشأة الالهة ايزيس واوزيرس الي اسطورة الخلق في عين
شمس
اسطورة عين شمس ( اون )
وترجع الي سنة 2700 ق موتقول أنه ظهور
أولا اتوم اله المس من المحيط الازلي اي الماء وقد خلق اتوم نفسه بنفسه وهو مزدوج
الجنس وقد انجب ابنه شو اله الهواء وابنته تفنوت عن طريق البصق !
ثم تزوج شو باخته تفنوت وانجب منها الاله جب الارض وانجب أيضا ابنته نوت السماء ثم تزوج جب
من اخته نوت فانجب منها اربعة اطفال هم ايزيس واوزيريس ونفتيس وست ( اله الشر )
وهكذا ظهر في الوجوة التاسوع اي تسعة الهه وكانوا جميعهم على هيئة بشرية .
اذن ارتبطت الالهة ايزيس واوزيريس بتاسوع
الهة ولم يكونوا منفصلين عن بعضهم لذلك نجد من يؤمن بايزيس واوزيريس يؤمن ايضا
بالالهة اتوم والذي هو رع او امون اله الشمس فلم تكن هناك عبادة منفردة لايزيس
واوزوريس والذي بعد ذلك انجبوا ابنهم حورس ثم انجب حورس ايضا اربعة الهة وكانوا
جميعا معبودات عند المصريين .
اما عن اسطورة ايزيس واوزيرس وست اخو اوزيريس
والتي يربط البعض بينها ايضا وبين الثالوث المسيحي او حتى بعض العقائد المسحيية
نجد ان الاسطورة نفسها تنقسم الي ثلاثة اقسام
القسم الاول مقتل ست لاخيه اوزير والقسم
الثاني الالهة ايزيس والعقارب السبعة والقسم الثالث انتقام حورس .
والاسطورة باختاصر تحكي ان اوزيرس ورث حكم
الارض من ابوه الاله جب ثم حسده اخوه ست وبخدعه منه حبسه في تابوت ورماه في النيل
ثم بحثت عنه زوجته الوفية ايزيس لتجده ثم يجده ست مرة اخرى ويقوم بتقطيع جسده
ويوزعه على اقاليم مصر ثم بمساعدة الاله نفتيس اخوها في ايجاد جسد اوزير وبمساعدة
الاله انوبيس اله التحنيط تم اعادته للحياة للتزوجه ثم تحمل بحورس ابنها
ثم بعد عودة اوزير الي الحياة يأخذه الاله رع
اله الشمس وكبير تاسوع الالهة ليجعله اله العالم السلفي او اله الموتى وهو الذي
يظهر في كتاب الموتي يحمل ميزان ليحاسب كل انسان يموت .
هذا هو القسم الاول من القسة نجد فيه على
الاقل سبعة الهة وليست ثلاثة وايضا لم يكن حورس ظهر بعد .
اما القسم الثاني من الاسطورة فخاص بهروب ايزيس
وهي حامل من وجه ست الشرير لتحمي ابنها وبمساعدة الاله تحوت اله الحكمة والعقارب
السبعة . وايضا لم يظهر بعد حورس في هذا الجزء .
اما القسم الثالث من الاسطورة فخاص بظهور
حورس وانتقامه من عمه الشرير ست .ليقف
امام الاله رع او امون يطالب بملك ابيه الذي اغتصبه عمه الاله ست اله الشر ويظهر
ايضا في هذا القسم الهة اخرى مثل تحوت ونيت وبابا وحتحور وفي النهاية وبعد صراع
قوي مع ست يحصل حورس مرة اخرى على الملك من رع بدلا من ست الشرير .
هذا هو ملخص الاسطورة الشهيرة والتي يربط
البعض بينها وبين العقائد المسيحيية نجد صراع وتعدد الهة ولا يوجد ابدا اي اشارة
لثالوث الهة كما يدعي البعض .
اذن امر وجود ثالوث عند القدماء المصرييين
امر غير دقيقي وحتى لو وجدنا في بعض الاقاليم عبادة لايزيس واوزيريس وحورس معا
سنجد هؤلاء ايضا يؤمنون بالاله رع وباقي الالهة الاخرى اي ان الامر هو تعدد الهة
وليس ثالوث على الاطلاق .
ثانيا – الادعاء بان المصريين قبلوا الايمان
المسيحيي لوجود تشابه بينه وبين العقائد المصرية ومنها الثالوث .
بالطبع اوضحنا في الجوء السابق انه لا وجود
لثالوث عند القدماء المصريين وايضا مفهوم الثالوث المسيحيي والذي لا يوجد به اي
تعدد الهة او صرعات الهة كما يتضح من اساطير وعقائد قدماء المصريين .
اما عن نقطة قبول المصريين الايمان المسيحيي
لوجود تشابه فماذا عند باقي بلدان العالم الذين امنوا بالمسحييية فمعروف ان
المسيحيية انتشرت في العالم القديم كله واستمرت مضطهدة قرون الي ان اهل هذا
البلدان بالمسحييية ومنها بلاد في اسيا حتى الهند وكل اوربا وشمال افريقيا اي معظم
العالم القديم فهل كل الذين قبلوا الايمان في هذه البلاد قبلوه لوجود الثالوث
المصري عندهم ؟
ايضا من قال ان المصريين في وقت دخول القديس
مرقس الرسول في القرن الاول كانت لديهم نفس العقائد والمعبودات التي كانت موجودة
في مصر القديمة ؟ فقد حدث تأثر وتغير في كثير من العقائد خاصة مع وجود ثقافات اخرى
وديانات اخرى في مصر مثل الرومان واليونان واليهود وعلى سبيل المثال مدينة
الاسكندرية التي بدأ فيها مرقس الرسول كرازاته كانت تعج بجنسيات مختلفة واديان
وعقائد مختلفة وانتشرت المسيحيية هناك ثم في صعيد مصر وايضا في الخمس مدن الغربية
اذن الامر لم يكن قاصر على المصريين فقط .
كذلك لو كان هناك تشابه لماذا اضطهدت كهنة
المصريين المسيحيين في هذا الوقت ؟ لماذا ظلت المسيحيية مضطهدة طيلة ثلاثة قرون في
مصر ؟
لقد قبل كثير من المصريين الايمان المسيحيي
وقبلوا البشارة بفرح ولكن كان هناك ايضا مقاومة خاصة من الكهنة سواء المصريين او
حتى الرومان واليونانيين وحتى اليهود .
لقد قبل المصريين الايمان بفرح لانهم كانوا
مهيئين بسبب نبؤات العهد القديم عنهم وبسبب زيارة العائلة المقدسة لمصر ومباركة
شعبها ولان الرب اختار شعب مصر ليؤسس فيها كنيسته المجيدة وتصبح فيما بعد منارة
المسيحيية ويخرج منها الاباء المدافعين عن الايمان المسيحيي ويخرج منها اباء
الرهبنة ويخرج منها اباء يشهد العالم كله والتاريخ بناوة ايمانهم واستقامة تعليمهم
.
والخلاصة :
لا يوجد ثالوث بالمعنى المعروف عند القدماء
المصرين ولم يؤمن المصريين بثلاثة الهة .
لا يوجد اي تشابه بين الايمان المسيحي
بالثالوث القدس وبين اي عبادات الهة سواء عن القدماء المصريين او غيرهم .
لم تنتشر المسيحيية لوجود تشابه بينها وبين
افكار وعقائد المصريين القدماء .
ومن له اذنان للسمع فليسمع .
معلومات عن الالهة الاربعة اوزيريس – ايزيس –
ست – حورس :
اوزير او اوزيرس :
من اعظم المعبودات عند قدماء المصرين
والمعروف في مجمع الالهة المصرية وقد ورث الحكم من ابوه الاله جب وقتله اخوه ست
الشرير واستولى على الحكم وعينه الاله رع بعد عودته للحياة بواسطته زوجته ايزيس
عينه رئيس العالم السفلى او اله الموتى ليحاسب الاموات .
ايزيس : بحثت عن زوجها المتوفي وحملت منه
حورس ودفنته مع اختها نفتيس و يتم رسم الالهتين ايزيس ونفتيس على هيئة طائرين
مفترسين ونجدهما عن جوانب التوابيت في صورة ادمية وجناحان منشوران يحميان المتوفي
ويبعثان فيه قوة الحياة . وتبعد ايزيس بفتها عظيمة السحر والتي حمت ابنها حورس من
الثعابين والحيوانات الضاربه وللك فهي تقوم بحماية الاطفال .
حورس – هو اله
السماء عند القدماء المصريين وهو ابن ايزيس واوزير ويرسم على شكل صقر وحورس هو
الذي وقف امام الاله رع ليطالب بملك ابيه من عمه ست وقد انجب حورس
اربع ابناء هم
امست – هابي – دواموتف – كبهسنوف
.
ست –
اله الصحراء وكان يلقب بالعظيم في قوته ويظهر باعتباره الرفيق الخاص بمصر العليا
والاله الملكي لمصر اللسفلى هو حورس . في عصر الهكسوس اعتبر ست الاله الرئيسي وبعد
ذلك حاميا للرعامسة ويمثل ست نصفي العالم الثنائي لمصر باعتباره سيد لاصحراء واوزيريس
سيد الخضرة . وفي فترة الحكم الاجنبي خاصة بعد الغزو الاشوري اصبح عدوا قوميا
وشكلا رمزيا لكافة انواع الشر
عصام نسيم
المراجع –
كتاب الاساطير المصرية تاليف دون ناردو ترجمة
احمد السرساوي .
كتاب معجم المعبودات والرموز في مصر القديمة
تاليف مانفرد لوركر .
كتاب الهة المصريين تاليف والاس بدج .
كتاب كتابنا المقدس فوق الاساطير – عصام نسيم